الصحة النفسية

أخذ الأفراد في العالم العربي يتجهون إلى علم النفس والطب النفسي وذلك في بيئات متنوعة، مما يقوض الافتراض الذي يعتبر الاهتمام بالصحة النفسية انشغالًا غربيًا منوطا بخصائص ثقافية. إن الظاهرة العالمية المتمثلة في صعود الخبرة ”النفسية“ لها انعكاسات اجتماعية وأخلاقية وفكرية على مجتمعات المنطقة لم يتم استكشافها بعد،  خاصةً وقد غذت الأزمات والحروب والثورات منذ نهاية القرن العشرين في مصر والبلدان المجاورة تطور سياسات الصحة النفسية، بدعم من المنظمات الدولية، وذلك تماشيًا مع تغير في الحساسيات تجاه المعاناة النفسية.

وتوفر مصر موقعًا متميزًا لدراسة هذه التغيرات في مجتمعات شمال أفريقيا والشرق الأوسط. فمصر لديها تاريخ طويل وغني في مجال الرعاية المؤسسية للجنون، بينما تضعها الدراسات الأكاديمية في علم النفس والطب النفسي والتحليل النفسي في قلب الشبكات الإقليمية والدولية. وقد شجع وجود مهاجرين وانفتاح البلاد على حضور المنظمات غير الحكومية في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين على تنفيذ سياسات الصحة النفسية الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن دراسة آثار هذه الظاهرة على المجتمع المصري ومجتمعات البلدان المجاورة تسهلها كثافة وتنوع الأبحاث حول الحالة المصرية.

وتهتم مجموعة عمل الصحة النفسية في مركز سيداچ بالبحث في العلاقة بين النفس والمجتمعات المصرية والعربية المعاصرة من وجهات نظر مختلفة : علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والدراسات الثقافية والقانون والعلوم السياسية والتاريخ. تركز أبحاثنا على أربعة مجالات: 1) السياسات الصحية؛ 2) بناء المعرفة والتخصصات المختلفة المتعلقة بالنفس؛ 3) ممارسات الرعاية النفسية والتعامل مع الجنون؛ 4) المعايير والقيم والممارسات والتمثلات المرتبطة بالنفس والجنون.

تولّف مجموعة عمل الصحة النفسية بين مواضيع بحثية شتى : اقتصاديات الصحة النفسية، وتاريخ مؤسسات الرعاية النفسية، والإدمان، وممارسات طرد الأرواح الشريرة (الزار)، وعلم النفس في مكان العمل، والنوع الاجتماعي والأسرة، أو أدب المساعدة الذاتية. وبينما نقوم بتطوير مقارباتنا الخاصة للموضوع، فإننا نحرص أيضًا على التعاون مع المهنيين العاملين في مجال علم النفس، ومع الأشخاص الذين يبحثون في هذه المواضيع بسبب تجربتهم الخاصة في المعاناة النفسية، أو مع المؤسسات المتخصصة. يشجع هذا المجال البحثي على التآزر مع العلوم الاجتماعية في القضايا ذات صلة. مثل الصحة والدين والطب ونظرية المعرفة وعلوم العواطف والذاتية.